وجه رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، يوم الثلاثاء17 مارس 2020 ، خطابا للأمة حول الوضع الراهن الذي تمر بها الجزائر. فيما يلي نصه الكامل :

"بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها المواطنات

أيها المواطنون

تشاء الأقدار أن تمر الجزائر هذه الأيام بمحنة أخرى يحملها "وباء فيروس كورونا" المستجد العالمي الآخذ في التفشي في الكثير من بلدان العالم.

لقد اتخذت الدولة منذ الإعلان عن ظهور هذا الوباء في القارة الآسيوية إجراءات استعجالية احترازية للتصدي له بكل فعالية في حال الانتقال إلى بلادنا لأنه لا شيء أغلى عند الإنسان من صحته ولا شيء أعز عند الدولة من صحة المواطن وهنائه وكرامته.

إن هذا التحرك المبكر ساعد على الكشف على رعية أجنبية قادمة من أوروبا مصابة بهذا الوباء مما جعلنا نعلن ما يشبه حالة  طوارئ في جميع المؤسسات والوحدات الاستشفائية لتجنب الانتشار كما حدث في بلدان أوروبية أكثر منا تجربة وقدرة على المواجهة.

كنا نتابع تفشي هذا الوباء أولا بأول منذ أن كان بعيدا عن حدودنا بآلاف الكيلومترات مركزين على الوقاية

لأنها برأي كل الأخصائيين الجزائريين والخبراء الدوليين  ليس هناك في الوقت الحالي أي علاج  فعال لهذا الوباء ما عدا الوقاية منه وهذا الموقف يلعب فيه المواطن الدور الأساسي للعلاج. وتذكرون جميعا أننا كنا من السباقين في العالم إلى إجلاء رعايانا من مدينة ووهان الصينية  وإخضاع هم لدى عودتهم إلى أرض  الوطن للحجر الصحي.

ومنذ ساعات قليلة  ترأست اجتماعا حول تداعيات انتشار هذا الوباء حضره الوزير الأول وعدد من الوزراء وكبار مسؤولي الدولة المعنيين مباشرة بالموضوع وأفضى الاجتماع إلى القرارات التالية :

-غلق جميع الحدود البرية مع الدول المجاورة مع إمكانية السماح بانتقال الأشخاص في الحالات الإستثنائية بعد الاتفاق مع حكومات البلدان المعنية.

-التعليق الفوري لكل الرحلات الجوية القادمة أو المنطلقة من الجزائر ما عدا أمام طائرات نقل البضائع  التي لا تحمل أي مسافر معها.

-الغلق الفوري أمام الملاحة البحرية والنقل البحري باستثناء البواخر الناقلة للبضائع والسلع.

-التعقيم الفوري لجميع وسائل النقل العمومي الولائية والوطنية ومحطات نقل المسافرين.

-منع التجمعات والمسيرات كيفما كان شكلها وتحت أي عنوان كانت وغلق أي مكان يشتبه فيه بأنه بؤرة للوباء.

-منع تصدير أي منتوج  استراتيجي سواء كان طبيا أو غذائيا إلى أن تنفرج الأزمة وذلك حفاظ ا على المخزون الاستراتيجي الوطني.

-تعليق صلاة الجمعة والجماعة في المساجد  وغلق المساجد  والاكتفاء برفع الآذان استجابة لطلب لجنة الإفتاء بعد مصادقة كبار شيوخ وعلماء الأمة.

-محاربة وفضح المضاربين عديمي الضمائر الذين لا يستحون من استغلال فزع  المواطن لإخفاء المواد الأساسية قصد إحداث  الندرة  ورفع أسعارها.

-البحث والكشف عن هوية ناشري الأخبار الكاذبة والمضللة  الذين يمتهنون التسويد بنفوسهم المريضة

بهدف زرع البلبلة والابقاء على المواطن دائما في حالة  قلق ورعب.

-الزيادة في قدرة المستشفيات على تحويل عدد  من الأسرة إلى أسرة إنعاش عند الضرورة.

-وضع خطة طويلة الأمد للاحتياط من الآن للمستقبل حتى لا يعود هذا النوع من الوباء للظهور.

-مزيد من التحسيس والتوعية في وسائل الإعلام  يشارك فيها كبار المتخصصين وعلماء الدين.

إن هذه القرارات تضاف إلى ما جندته الدولة بكل طاقاتها من الوسائل  المادية والبشرية للحد من تفشي هذا الوباء العالمي الذي لم يسبق أن ابتليت به البشرية، وكان مجلس الوزراء الأخير قد خصص اعتمادات  مالية إضافية لشراء أحدث أجهزة الوقاية والكشف والعلاج  ومواد  صيدلانية وأدوية ووسائل  الوقاية  فضلا عن تشديد إجراءات الرقابة بشكل تصاعدي في المطارات والموانئ والحدود  البرية  وصولا إلى التعليق المؤقت للرحلات الجوية والنقل البحري مع الخارج وغلق  المدارس والجامعات ورياض الأطفال  ودور الحضانة  وتجميد النشاطات في القاعات المغلقة  والمفتوحة  وأماكن التسلية وقاعات الحفلات  وسائر أماكن الاكتظاظ من الأسواق الأسبوعية وغيرها...

وإني أريد أن أؤكد لكم بأن  الدولة قوية  واعية بحساسية الظرف مصغية لقلق المواطنين والمواطنات منشغلة بهمومهم  بل إنها  وبقدر ما هي حريصة على احترام الحريات والحقوق  بقدر ما هي مسؤولة عن حماية الأشخاص والممتلكات  بما فيها توفير الحماية الصحية والرعاية الطبية للمواطنين والمواطنات واعتبار الوباء المتفشي مسألة أمن وطني  وأمن صحي تهم  الجميع حتى لو أدى الأمر إلى تقييد بعض الحريات مؤقتا  فحياة المواطن  والمواطنة فوق كل اعتبار  وقبل كل شيء.